متابعة – عراق 24
لا يملك أنصار زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر أي معلومات عن توجهاته في المرحلة المقبلة، لا سيما أنه صامت منذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، التي رفض أن يكون جزءاً منها، وقرر الانسحاب الكامل من العملية السياسية في أغسطس/ آب الماضي. لكن هؤلاء الأنصار يؤكدون في الوقت ذاته أنهم مستعدون لأي قرار يصدر عنه، وفق الخطوط المعروفة التي عادةً ما يسلكها الصدر، والممثلة بالاحتجاجات والمعارضة الشعبية في الميادين والساحات العامة أو العودة للمشاركة السياسية من خلال انتخابات مجالس المحافظات، التي من المفترض أن تُجرى في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. في المقابل، يرى مراقبون أن الصدر ينتظر “لحظة الإخفاق” من حكومة السوداني لتبرير العودة.
وأعلن الصدر اعتزاله العمل السياسي بشكل نهائي، وإغلاق المؤسسات المرتبطة بالتيار الصدري، رداً على بيان صدر، قبل ذلك، عن المرجع الديني كاظم الحائري، الذي انتقد فيه بشكل ضمني الصدر بوصفه غير مؤهل للاجتهاد.
ومنذ ذلك الحين، لم يصدر عن زعيم التيار الصدري أي تعليقات سياسية، سواء على مستوى الأحداث اليومية أو ما يتعلق بقرارات السوداني. هذا الأمر أدى إلى تضارب التفسيرات وعدم فهم طبيعة ما يفكر به وما يستعد له في المرحلة المقبلة، لا سيما أنه يُعرف عنه اعتماده عنصر المفاجئة والتحرك سياسياً واحتجاجاً في المساحات غير المتوقعة.
خيارات الصدر للعودة إلى العملية السياسية في العراق
وأشار عدد من أتباع التيار الصدري، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أنهم لا يعرفون حقيقة ما يفكر به الصدر في المرحلة المقبلة، معربين عن اعتقادهم أنه سيعود إلى الساحة السياسية.
وفسّر بعضهم طريقة العودة ضمن خيارات منها “الاحتجاج ضد حكومة السوداني في حال تجاوزت الدستور ببعض القرارات، أو الإخفاقات الناجمة عن قرارات غير مدروسة، أو الاعتداء على شرائح معينة، أو الفشل في ملفات محددة”. ولفتوا إلى أن خيار العودة عبر الانتخابات المحلية هو الخيار الأسلم، لا سيما أن هذا الطريق هو الأكثر تأثيراً وإيلاماً بالنسبة لقوى الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة، وبقية الأحزاب المتحالفة ضمن ائتلاف إدارة الدولة، لاسترجاع ما سُلب من الصدريين من حقوق.
من ناحيته، أكد قيادي في التيار الصدري من مدينة النجف، جنوبي العراق، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “أكثر الطرق نجاحاً، هي السيطرة على المجالس المحلية للمحافظات، لأنها الحلقة الأهم في تنفيذ القرارات الحكومية من جهة، والمؤثر الفعلي في نجاح الأحزاب وعلاقة ذلك في نتائج الانتخابات البرلمانية من جهة أخرى”. كما أوضح أن “الصدر سيعود إلى العملية السياسية، لكن لا أحد يعرف موعد العودة”.
قيادي في التيار الصدري: خيار العودة عبر الانتخابات المحلية هو الخيار الأسلم
وتوصلت القوى السياسية، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى اتفاق يقضي بإجراء الانتخابات المحلية الخاصة بمجالس المحافظات في شهر أكتوبر المقبل. وجاء هذا الاتفاق بعد تصويت البرلمان نهاية عام 2019 على حل تلك المجالس خلال الاحتجاجات الشعبية التي طالبت بذلك، متهمة تلك المجالس بالفساد.
وتعمل مجالس المحافظات، التي يُحدد أعضاؤها بحسب النسبة السكانية لكل محافظة، على اختيار المحافظ ونائبيه وإعداد موازنة المحافظة المالية على ضوء ما تخصصه بغداد لها، ولها الحق في إقالة المحافظين ومدراء الدوائر.
ارتدادات انسحاب الصدر من المشهد السياسي
من جهته، أشار القيادي في تحالف “الإطار التنسيقي” محمد الصيهود، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “جميع القوى السياسية لم تكن تريد أن ينعزل الصدر أو ينسحب من البرلمان، وأن غيابه عن المشهد السياسي طبيعي في ظل عدم وجود مهام سياسية يقوم بها”. ولفت عضو البرلمان العراقي إلى أن “الإطار التنسيقي لا يضمر أي عداوات للصدريين، رغم الأخطاء التي صدرت عنهم، لا سيما المعارك التي قادتها جماعات (سرايا السلام التابعة للصدر) في المنطقة الخضراء”. وشدد الصيهود على أن “هذه الأخطاء لن تعود ولن تتكرر بكل تأكيد لأن الصدر نفسه لن يقبل بذلك”.
وأكد أن “الانتخابات المحلية مقبلة، ونرحب بعودة الصدر والصدريين ليشاركوا في العمل السياسي وتحقيق الأهداف المشتركة لخدمة العراقيين”. كما اعتبر أن “هناك وسائل إعلام وأطراف وسيطة أسست خلال السنوات الماضية لخلافات ليست حقيقية بين الصدر و(رئيس الحكومة السابق) نوري المالكي و(الأمين العام لعصائب أهل الحق) قيس الخزعلي من جهة، وبين الصدر وقادة الحشد الشعبي من جهة ثانية”. وأشار الصيهود إلى أن “هذه الأطراف باتت حالياً خارج المشهد السياسي، وصار بالإمكان الجلوس مرة أخرى إلى طاولة الحوار في سبيل التوصل إلى تفاهمات جديدة، وعدم العودة إلى مبدأ فرض الإرادات وكسر العظم، الذي لم يجن منه العراقيون أي شيء غير تعطيل مشاريع الدولة”.
جودة: الصدر يراقب الأوضاع ربما أكثر من السابق
في غضون ذلك، بيَّن المحلل السياسي ماهر عبد جودة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الصدر يراقب الأوضاع ربما أكثر من السابق”. ولفت إلى أن زعيم التيار الصدري “يعتبر نفسه معارضاً لهذه الحكومة، بعد أن سُلب منه حق تشكيلها عبر تحالفه مع (رئيس مجلس النواب) محمد الحلبوسي و(رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني) مسعود البارزاني، وهم الفائزون في الانتخابات السابقة”. كما أوضح جودة أن الصدر “قد يكون بانتظار لحظة الإخفاق في حكومة السوداني، ليجد مبرراً للعودة من بوابة الإصلاح التي عادةً ما يسلكها وأتباعه”.
ورأى أن “عودته إلى العملية السياسية حتمية، ولن ينسحب ويترك السياسة بعد النجاح الكبير الذي حققه في الانتخابات الأخيرة”. كما أكد أنه “سيستكمل ما يعتقد به من مناوئة للأحزاب الحاكمة، لا سيما الكيانات التي يقودها ويؤثر في قراراتها المالكي”.
من ناحيته، لفت رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد إحسان الشمري، في اتصال مع “العربي الجديد”، إلى أن “ارتدادات انسحاب الصدر من العملية السياسية لن تنتهي، لأن أساس الحياة السياسية هو البرلمان، وهذا الأخير يخلو حالياً من الفائز الأول بالانتخابات الأخيرة والذي تمكن من تشكيل التحالفات السياسية”. كما أشار إلى أن “انسحاب الصدر منح منافسي التيار الصدري فرصة توظيف المال السياسي لصالحهم، والتحكم بمؤسسات الدولة”. وتوقع الشمري أن “تكون سنة 2023 عاماً لصعود وعودة قوية للتيار الصدري”.
المصدر : العربي الجديد
المالكي يبحث مع السفير الإيراني مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية الإقليمية والدولية
متابعة – عراق 24 أكد رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، اليوم السبت، أن العراق …