متابعة – عراق 24
أفضى انسحاب التيار الصدري، الفائز الأول في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، من البرلمان العراقي في يونيو/حزيران الماضي، وقرار زعيم التيار، مقتدى الصدر انسحابه من العمل السياسي وإغلاق الهيئة السياسية التابعة له، إلى العودة نحو المساحة الأكثر تأثيراً التي عادة ما تتبناها أسرة الصدر تاريخياً في العراق، وهي التوجه نحو الصلوات والخطب الجماهيرية والتحدث عبر المنابر.
ويتفرّد التيار الصدري بهذه الآلية حالياً كونه الأكثر قدرة على حشد الجمهور من منافسيه الآخرين، وقد تكون الورقة الأخطر التي يمتلكها الصدريون، وفقاً لمراقبين، كونها قادرة على شحن الجمهور سياسياً وعقائدياً باتجاه تصعيدٍ ما.
وهذا ما بدأ مقتدى الصدر في تطبيقه عقب تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، التي لم يقبل بها، في أكتوبر الماضي، وبدأت الصلوات في النجف، ثم في محافظات وسط وجنوب البلاد.
ومنذ قرار انسحاب التيار الصدري من البرلمان والعملية السياسية ككل، نظّم التيار عدداً غير قليل من صلوات وخطب الجمعة الموحدة في بغداد ومحافظات أخرى جنوب ووسط البلاد، كان أبرزها ما تم تنظيمه داخل المنطقة الخضراء، في 5 أغسطس/آب الماضي وشاركت فيها أعداد ضخمة من أنصار الصدر، وكذلك في ساحة الاحتفالات الكبرى وسط بغداد، وفي مدينة الصدر شرقي العاصمة.
لكنها فعلياً توقفت عقب المواجهات المسلحة التي اندلعت داخل المنطقة الخضراء بين أنصار الصدر والفصائل المسلحة الأخرى، في 30 أغسطس. لكن قرار الصدر بعودة خطب الجمعة كان حدثا لافتاً، في بغداد ومدن أخرى جنوبي البلاد، حيث نُظّمت خطب وصلوات موحدة داخل المساجد، أبرزها مسجد الكوفة التاريخي في النجف.
عصام حسين: تفهم الأطراف السياسية الصلاة على أنها وسيلة لشحن الجماهير الصدرية
وأقام أنصار التيار الصدري، صلاة الجمعة، في 13 يناير/كانون الثاني الحالي، في 8 محافظات عراقية بعد دعوة الصدر أتباعه للاستمرار بأداء صلاة الجمعة حتى “لو مات الصدر”.
وهي إشارة إلى احتمال تعرضه إلى التهديد، لكن الصدر أظهر عبر الصلاة قدرته على حشد أنصاره الذين تجاوزوا عشرات الآلاف، وذلك على الرغم من أن الخطبة لم تتضمن أي حديث سياسي أو وجهة نظر عن الحكومة الحالية، إلا أن توقيتها أقلق معظم المراقبين، لجهة تفكير الصدر بالعودة إلى السياسة من خلال احتجاجات شعبية أو من بوابة انتخابات مجالس المحافظات، المقررة في أكتوبر المقبل.
صلاة الجمعة حالة صدرية قديمة
وتواصلت “العربي الجديد” مع عدد من أتباع التيار الصدري في بغداد، الذين شدّدوا على أن “صلاة الجمعة شعيرة دينية، ومن أهم الوصايا التي تركها المرجع الديني محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر)، هي البقاء على صلاة الجمعة وعدم تركها مهما كانت الظروف، بالتالي إن دعوة الصدر جماهيره لإقامة الصلاة تمثل حالة صدرية قديمة، وقد تدخل فيها بعض الجوانب والأهداف السياسية ضمناً، لكنها هدفها الأساسي هو ديني بحت”.
وقال أحدهم إن “أنصار الصدر جميعهم غاضبون من الطريقة التي جرت في التعامل السياسي، وإقصاء الصدر عن تشكيل الحكومة رغم الفوز بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية”.
وتطرق شيخ ينتمي للتيار الصدري إلى خطبة الجمعة، معتبراً أن “الخطبة الموحدة الأخيرة لم تتضمن أي حديثٍ سياسي، لكن في الحقيقة أن جماهير المصلين في عموم المحافظات تكفلت بالحديث فيما بينها عن الوضع السياسي، والظلم الذي تعرض له الصدريون في هذه المرحلة.
وظهر أن جميعهم مستاؤون من الوضع الحالي”. وأكد في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “عدم حديث الصدر عن السياسة في الوقت الحالي، يترك المجال أمام الصدريين للحديث عنها وعن إمكانيات وفرص العودة مرة أخرى لفرض القدرة الصدرية في تشكيل الحكومة، لا المشاركة فيها، بالتالي إن حديث التيار الصدري في مساحة حرة عن السياسة ستكون له ارتدادات قد تظهر في النهاية على شكل موقف معلن من الصدر نفسه”.
من جهته، قلّل العضو البارز في التيار، عصام حسين، من احتمال أن “تكون الصلوات الصدرية الموحدة تحمل أهدافاً سياسية لأنها صلاة عبادية، وهو هدفها الأساس”.
ورأى في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “الأطراف السياسية الأخرى تفهم من هذه الصلاة على أنها وسيلة لشحن الشارع والجماهير الصدرية بالتعبئة السياسية، لأنها تخشى عودة الصدر إلى المشهد السياسي من خلال الجماهير والحراك الشعبي، لا سيما في الوضع الحالي”.
وأضاف: “الوضع هنا مضطرب في ظل وجود حكومة تتعامل بمبدأ المحاصصة من دون التراجع عن عمليات الفساد الحاصلة من خلال الخطوط الحزبية المسيطرة على الوزارات والهيئات والدوائر الرسمية”.
محمد الصيهود: لا تزال هناك خطوط للتواصل مع الصدر وجمهوره
واعتبر حسين أن “الأحزاب تخشى التيار الصدري، وتظن أن صلوات الصدريين في الشوارع والميادين تحمل أهدافاً سياسياً، وهذا التقدير ينطلق من كون إدراك هذه الأحزاب أن الصدر يراقبها ويراقب الحكومة، كما أنها تعرف أن تنازل التيار الصدري عن 73 مقعداً في البرلمان ليس مجانياً”.
وأشار إلى أن “صلوات الصدريين، السابقة أو ما قد يتم الإعلان عنه في المستقبل، تُظهر شعبية مذهلة للتيار الصدري، مع تراجع الانتقادات له وازدياد مقبولية الصدريين في الشارع، وهو ما سيضع الصدر في المستقبل القريب، في قيادة حركة التغيير المنتظرة”.
الصلاة لا تمثل خطورة على الحكومة
أما عضو “الإطار التنسيقي”، النائب محمد الصيهود، فكان له رأي مخالف بقوله: “لا نعتقد أن هذه الصلاة والخطب الموحدة تمثل خطورة على الحكومة أو الأحزاب الداعمة لها، ما دامت ضمن تعريف الصلاة، ولغاية الآن لم نلحظ أن تحولت هذه الصلوات إلى طرق تحريضية ضد أطراف سياسية ما”.
وشدّد في حديثٍ مع “العربي الجديد”، على أن “قوى الإطار التنسيقي رفضت ولم تقبل بأن يكون الصدر خارج العمل السياسي، لكن الإرادة الصدرية اختارت أن تعتزل، ربما لهذه الفترة فقط، ولا تزال هناك خطوط للتواصل مع الصدر وجمهوره، وأن المشاركة في العمل السياسي هي حق مشروع لجميع العراقيين بشرط أن لا تكون المنافسة مبنية على أساس الإقصاء وتحييد الآخرين”.
بدوره، رأى أستاذ الإعلام في جامعة أهل البيت في كربلاء غالب الدعمي، أن “الصلوات الموحدة للتيار الصدري، هي شكل عبادي معروف عن آل الصدر، لكن المعروف والشائع بين عموم العراقيين أن الفعاليات الجماهيرية للتيارات الدينية أو السياسية عادة ما تحمل أهدافاً سياسية، تكون هي الأساس من الفعالية، وإن لم تكن الأساس فهي حتماً موجودة في أذهان المنظمين لهذه الفعاليات”.
ووضح في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “الصلاة الأخيرة التي دعا لها الصدر وأقيمت في مدن متعددة من البلاد، هي فرصة لإظهار قوة الصدر من جهة، ومنح الصدريين فرصة الاجتماع والتباحث من جهة أخرى، لكن في الحقيقة، فإن قرار العودة للعمل السياسي من جهة التيار الصدري تخضع لإرادة الصدر وحده الذي تشير كل المعطيات إلى أنه سيعود، لكن بوابة العودة غير واضحة بالنسبة لنا”.
المصدر : العربي الجديد
المالكي يبحث مع السفير الإيراني مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية الإقليمية والدولية
متابعة – عراق 24 أكد رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، اليوم السبت، أن العراق …