صور الذكاء الاصطناعي المزيفة تغزو منصات التواصل الاجتماعي
متابعة – عراق 24
توليد صور باستخدام الذكاء الاصطناعي إما سيدفع الكثيرين إلى التشكيك أو يتسبب في حدوث أزمة معلومات مضللة
نشر أحد مستخدمي منصة “تويتر” المشهورين، الثلاثاء الماضي في العاصمة الفرنسية باريس، ثلاثة صور للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يجري بين شرطة مكافحة الشغب وبعض المحتجين، محاطاً بسحابة من الدخان.
اتضح أن الصور، التي حصدت أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة، كانت مزيفة. لكن ذلك لم يكن واضحاً للغاية لأي شخص لا يتابع نمو محركات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي.
وتطبيقاً لاسمه التعريفي، فإن المستخدم، المشهور على المنصة باسم “نو كونتيكست فرِنش” (No Context French)، أو ما يعني “فرنسي بلا سياق”، لم يضف أي تعليق أو عنوان للصور.
وكما اتضح، اعتقد البعض أن الصور حقيقية. ويخبرني أحد زملائي أن اثنين من أصدقائه على الأقل في لندن، ممن يعملون في وظائف مهنية متنوعة، وجدا الصور عن طريق المصادفة واعتقدا أنها صور حقيقية من إضرابات الأسبوع الماضي بشأن إصلاح نظام المعاشات، التي تتحول للعنف في بعض الأحيان. كما أن أحد الزميلين شارك صورة في محادثة جماعية قبل أن يبلغه أحدهم أنها مزيفة.
تحذير شبكات التواصل الاجتماعي
تستعد شبكات التواصل الاجتماعي لهذه اللحظة منذ سنوات. فقد حذرت بشكل مفصّل من مقاطع الفيديو التي تستخدم التزييف العميق (deepfake)، كما أنها تعلم أن أي شخص يملك برامج لتحرير الفيديو يمكنه إضافة وجوه شخصيات سياسية في الصور المزيفة المثيرة للجدل.
لكن الانتشار الكبير الذي حدث مؤخراً لأدوات توليد الصور، التي يدعمها ما يسمى نماذج الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور، يدفع بمنصات مثل “تويتر” و”فيسبوك” و”تيك توك” إلى وضع غير مسبوق.
كيف تتعامل الشركات الأميركية الكبرى مع الذكاء الاصطناعي؟
الصور التي قد يستغرق توليدها نصف ساعة أو ساعة على برامج تشبه “فوتوشوب” (Photoshop) يمكن الآن صنعها خلال خمس دقائق أو أقل باستخدام برامج مثل “ميدجورني” (Midjourney)، الذي يمكن استخدامه مجاناً لتوليد أول 25 صورة، أو “ستيبل ديفيوجن” (Stable Diffusion)، الذي يمكن استخدامه مجاناً بالكامل. ولا تضع أي من هاتين الأداتين قيوداً على توليد صور للمشاهير.
تطور أدوات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي
استخدمتُ خلال العام الماضي برنامج “ستيبل ديفيوجن” لتوليد “صور” للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وهو يلعب الغولف مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، لكن لم تبد أي من الصور مقنعة للغاية. لكن خلال الأشهر الستة منذ ذلك الحين، تطورت أدوات توليد الصور بشكل كبير، إذ يمكن لأحدث نسخة من “ميدجورني” توليد صور من الصعب للغاية تمييزها عن تلك الحقيقية.
المحتوى الذي تحذفه “ميتا” تضخّه بالذكاء الاصطناعي
وأخبرني المستخدم الذي يدير حساب “نو كونتيكست فرِنش” أنه استخدم برنامج “ميدجورني” لتوليد صور ماكرون. وعندما سألته عن سبب عدم إضافته لتعليق على الصور بأنها مزيفة، كان رده أن أي شخص بإمكانه ببساطة “تكبير الصورة وقراءة التعليقات ليعرف أن هذه الصور غير حقيقية”.
وأصر المستخدم على موقفه عندما أبلغته أن البعض اعتقد بالفعل أن الصور حقيقية، إذ أضاف: “نعلم أن هذه الصور ليست حقيقية بسبب كل هذه العيوب”، قبل أن يرسل إليّ لقطات مُكبَّرة تُظهر العيوب الرقمية في الصور. وعندما سألته عن الأقلية التي لا تهتم بهذه التفاصيل، خصوصاً على شاشة الهاتف المحمول الصغيرة، لم أتلق رداً منه.
اعتقال ترمب.. صور حقيقية أم مزيفة؟
قام إليوت هيغينز، المؤسس المشارك لمجموعة الصحافة الاستقصائية “بيلينغكات” (Bellingcat)، بانتهاج أسلوب مشابه عندما نشر في تغريدة يوم الإثنين الماضي صوراً مزيفة ولَّدها بنفسه لعملية إلقاء القبض على دونالد ترمب، مستغلاً التوقعات واسعة النطاق باعتقاله.
فاق عدد مشاهدات الصور أكثر من خمسة ملايين، كما أن الصور لم تكن مصحوبة بتعليق. وقال هيغينز لاحقاً إنه محظور من استخدام “ميدجورني” الآن.
وكتب هيغينز في تغريدة على “تويتر”: “توليد صور عن إلقاء القبض على ترمب في الوقت الذي ننتظر فيه اعتقاله”.
ما مدى صعوبة اكتشاف الصور المزيفة؟
فيما أشار الأشخاص الذين يلعبون دور المحققين على “تويتر” إلى الأيدي المشوّهة والوجوه ذات الملامح غير الدقيقة في الصور التي يولِّدها الذكاء الاصطناعي، ما يزال الكثير من المستخدمين عرضة لتصديق هذا النوع من التزييف.
في أكتوبر الماضي، وجد مستخدمو “واتساب” في البرازيل أنفسهم في خضم سيل من المعلومات المضللة بشأن نزاهة الانتخابات الرئاسية، ما أدى إلى قيام العديد منهم بأعمال شغب لدعم الرئيس السابق الخاسر جايير بولسونارو.
يصبح اكتشاف العيوب والتزييف في الصورة أصعب بكثير عندما ينشر شخص تثق به صورة على شاشة صغيرة الحجم، في ذروة الدورة الإخبارية.
“غوغل” تحقق تقدماً أضخم من الذكاء الاصطناعي
وباعتباره تطبيقاً للمراسلات المُشفَّرة بالكامل، ليس بوسع “واتساب” عمل الكثير لفرض رقابة على الصور المزيفة التي تنتشر بسرعة هائلة من خلال المشاركة المستمرة بين الأصدقاء وأفراد الأسرة والمجموعات.
تحدٍ كبير يلوح في الأفق
ما حاول هيغينز وصاحب حساب “نو كونتيكست فرِنش” تحقيقه هو القيام بفعل ما بغرض جذب الانتباه على نطاق واسع، لكن نجاحهما في إقناع العديد من الناس أن منشوراتهما حقيقية يوضح حجم التحدي الذي يلوح في الأفق لمنصات التواصل الاجتماعي والمجتمع على نطاق أوسع.
حدَّث تطبيق “تيك توك”، الثلاثاء الماضي، إرشاداته لحظر الصور المضللة التي يولِّدها الذكاء الاصطناعي. وتقول سياسة “تويتر” بشأن الصور المولَّدة بالذكاء الاصطناعي، التي جرى تحديثها آخر مرة في 2020، إنه على المستخدمين تجنب مشاركة الصور المزيفة التي من شأنها خداع الناس، وإنها “قد تضيف تنويهاً على التغريدات التي تحتوي على صور مضللة”.
لا يوشك الذكاء الاصطناعي أن يسحب البساط من تحت أقدام الرسامين
عندما سألتُ “تويتر” عن سبب عدم إضافة تنويه على الصور المزيفة لـ”ترمب” و”ماكرون” حين انتشرت على نطاق واسع، ردت الشركة، التي يرأسها إيلون ماسك، بإيموجي كومة البراز، وهو ردها المعتاد الجديد لوسائل الإعلام.
مكافحة انتشار الصور المزيفة
جرى الإبلاغ من خلال “ملاحظات المجتمع” (Community Notes)، عن بعض مستخدمي “تويتر” الذين أضافوا مصداقية لصور ترمب عبر استخدام هاشتاغ أو أكثر يجذب الانتباه مثل “عاجل”. وتُعدّ “ملاحظات المجتمع” وسيلة تتيح للمستخدمين إضافة ملاحظات مرتبطة بالسياق لتغريدات معينة.
لكن مبدأ عدم التدخل في المحتوى، الذي يتزايد تبنّي “تويتر” له تحت قيادة ماسك، يشير إلى أن الصور المزيفة قد تلقى رواجاً على تلك المنصة أكثر من غيرها.
قالت “ميتا بلاتفورمز” في 2020 إنها ستحذف بالكامل أي صور مولَّدة بالذكاء الاصطناعي تهدف لتضليل الناس، لكن الشركة لم تحذف صورة واحدة على الأقل عن “اعتقال ترمب” نشرها أحد مستخدمي “فيسبوك” الأربعاء الماضي على أنها خبر حقيقي. ولم ترد “ميتا” على طلب بالتعليق.
“تشات جي بي تي”.. روبوت فصيح أم آلة معلومات مضللة؟
(تحرى “فيسبوك” منذ ذلك الحين دقة المعلومات وحذف الصورة المزيفة لترمب. وقال متحدث باسم الشركة إنها تحذف المحتوى الذي تعرض للتلاعب به ويفي بمعايير محددة، ويشمل ذلك المحتوى الذي قد “يضلل الشخص العادي”).
هل من حلول؟
من الواضح أن الناس سيجدون صعوبة أكبر في التمييز بين الصور المزيفة والحقيقية، مع انتشار استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل “ميدجورني” و”تشات جي بي تي” (ChatGPT)، لتوليد الصور.
أخبرني مؤسس إحدى أدوات الذكاء الاصطناعي هذه، العام الماضي، أن هناك حلاً بسيطاً لهذه المشكلة: علينا التكيّف مع الأمر. فأنا أجد نفسي بالفعل أتأمل صوراً حقيقية للسياسيين على منصات التواصل الاجتماعي، وتراودني بعض الهواجس عما إذا كانت مزيفة.
ستجعل أدوات الذكاء الاصطناعي العديد منا من المشكِّكين. أما بالنسبة لهؤلاء الذين يمكن إقناعهم بشكل أسهل، فقد يصبحون السبب الرئيسي في حدوث أزمة معلومات مضللة جديدة.
المصدر: الشرق
بـ15 ثانية فقط… أداة جديدة لتوليد الصوت عبر الذكاء الاصطناعي
متابعة – عراق 24 عرضت شركة «أوبن إيه آي»، مبتكرة برنامج المحادثة الشهير «تشات جي بي …