ليو ميسي: قائد الأرجنتين وحامل مشعلها
متابعة – عراق 24
في عمر الـ 35 ميسي يؤدي مع الأرجنتين كما لم يفعل من قبل!
ملأ الحزن والأسى قلوب الأرجنتينيين بعد المباراة الافتتاحية ضد المملكة العربية السعودية، حيث تجرع أبطال أمريكا الجنوبية مرارة الهزيمة بعد ٣٦ مباراة متتالية من دون خسارة. كما بدا حينها أن حلم التتويج باللقب العالمي الغالي للمرة الثالثة صعب المنال. وقد كان إستاد لوسيل ذلك اليوم شاهدا على واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ أم البطولات، وكان أيضا مسرحا لاحتفالات آلاف الأنصار السعوديين الذين عبروا الحدود دعما لمنتخب بلادهم. بينما أطبق الصمت على جماهير الأرجنتين وبدا أنهم لا يصدقون ما جرى.
وخيم الصمت على المنطقة المختلطة كذلك، وكانت الأجواء مشحونة، وعلت الحيرة وجوه اللاعبين الأرجنتينيين أنفسهم، وبدا أنهم لم يستوعبوا بدورهم ما حدث. ففي عالم الساحرة المستديرة، يعتبر الطموح والفشل وجهان لعملة واحدة، وتكفي أحيانا تسعون دقيقة فقط من أجل الانتقال من حال إلى حال. ظهر لاعبو الألبيسيلستي ليلتها فجـأة داخل المنطقة المختلطة، وتوجهوا على عجل صوب الصحفيين وميكروفوناتهم، لكن عددا قليلا منهم توقف لتفسير النتيجة المؤلمة، باستثناء لاعب واحد، لاعب تجاوب مع الصحفيين كلهم، من أولهم إلى آخرهم، ولم يكن سوى ليونيل ميسي. إذ توقف الكابتن مرات متكررة، ولم يتجنب أي سؤال، ووسط هذا الكم الهائل من الأسئلة والأجوبة، مرر الرسالة التالية إلى الشعب الأرجنتيني:
- “فلتثقوا فينا، لن نخذلكم أبدا”.
إنها خامس مشاركة لليونيل ميسي في كأس العالم FIFA، بينما حضر الصحفي المخضرم خوان بابلو فارسكي أم البطولات ثماني مرات، ويعد واحدا من مراجع الصحافة الرياضية في أمريكا اللاتينية، وقد أقر أن العرس القطري هو المرة الأولى التي يكون فيها السياق مناسبا لكي يتحمل صاحب القميص ١٠ حقا مسؤولية قيادة كتيبة بلاده، وقال: “حدث هذا التغيير بشكل طبيعي. لقد كان ميسي في المرات السابقة رفقة لاعبين أكبر منه سنا. ففي ٢٠٠٦ كان القائد هو رومان (ريكيلمي). وفي ٢٠١٠، ضمت المجموعة هاينز و(خافيير) ماسكيرانو وكان دييغو (مارادونا) مدربا للفريق. في ٢٠١٤، حمل ليو شارة الكابتن، بينما كان ماسكيرانو قائد الكتيبة الحقيقي. هذا وخاض المنتخب الأرجنتيني نهائيات ٢٠١٨ دون قائد، لأن الفريق كان مشتتا، وكان بروز قائد وسط الفوضى مستحيلا. أما سنة ٢٠١٩، خلال كوبا أمريكا المنظمة في البرازيل، ألقيت مسؤولية قيادة الفريق على كاهل ليو، وقد كان جاهزا ومستعدا لذلك”.
أُطلق لقب “سكالونيتا” على المنتخب الأرجنتيني المتوج بلقب كوبا أمريكا وسط ملعب ماراكانا الشهير والذي وضع حدا لسنوات عجاف دون ألقاب امتدت ٢٨ عاما. وقد تم بناء هذه الكتيبة بالاعتماد على ميسي لكن وفق مقاربة مختلفة تماما عن السابق. في حوار مع فارسكي في أحد مقاهي سوق واقف الشهير، فسر هذا الأمر بالقول: “يحظى ميسي بمساعدات هائلة من بقية رفاقه، وكانت رسالتهم له واضحة: أنت قائد منتخبنا لا نجمه. إذا اضطررنا إلى التهكم عليك، سنفعل، وإذا تعين أن نتفوق عليك، سنقوم بذلك. وبذلك أزالوا عن أذهانهم صورة عجز من سبقوه في إزالتها لأسباب منطقية. كنا نقول في السابق أنهم يسلمونه الكرة ويكتفون بمشاهدته يعلب، وهو ما لا يحدث هنا. حيث ينتزع ليو الكرة ويتكلف آخرون بالتسديد”.
كان ميسي على الدوام قائد الأرجنتين الكروي، لكنه أضحى حاليا عراب الكتيبة وحاميها حتى خارج المستطيل الأخضر. ولعل نسخته القطرية هي الأشبه بسلفه مارادونا، حتى من حيث الاحتجاج. رغم ذلك أقر فارسكي أن طباع لاعب باريس سان جرمان لم تتغير، وأوضح: “لطالما كان ليو هكذا، لكنه لم يمكن في السابق مضطرا للقيام بهذا الدور لأنه لم يكن قائد الكتيبة. لقد بعث ميسي رسالة إلى جوارديولا ليلة مباراة أحرز فيها إبراهيموفيتش هدفين وبقي هو حبيس دكة البدلاء، ولما رن الهاتف، وجد بيب رسالة تقول ’ميستر، إذا كنت لا تنوي الاعتماد علي، أخبرني بذلك وسأرحل‘. تطلع جوارديولا بعد ذلك إلى مساعده، وقال له عندما مشكلة، وفي نهاية المطاف رحل إبراهيموفيتش عن الفريق. لقد حصل هذا الأمر قبل أحد عشر سنة. إنه إنسان شجاع، بالمعنى الإيجابي للكلمة، إنه رياضي من الطراز العالي، يعشق المنافسة والكفاح. أضف أن المنتخب الأرجنتيني الحالي أصبح بمثابة أسرة، وإذا أصيب فيه عضو، تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمى”.
هل ميسي في مزاج مارادونا؟ ماذا يقول المشجعون
يناقش مشجعو الأرجنتين ما إذا كان تصميم ليونيل ميسي على الفوز مستوحى من الراحل دييجو مارادونا.
تظهر إنسانية ميسي جلية في أحد مقاطع الفيديو المباشرة على تويتش، لما دعاه سيرخيو أجويرو إلى دردشة قصيرة على قناته، حيث دار بينهما حوار مليء بالمشاعر الدافئة والجياشة، وجاء فيه:
أجويرو: اسمع…أين أنتم؟ في الغرفة؟
ميسي: نعم في غرفتنا معا.
أجويرو: في غرفتنا معا؟ كيف ذلك؟
ميسي: طبعا…
أجويرو: لم تقم أبدا بدعوتي…
ميسي: يا لك من كاذب، لأنني دعوتك.
اضطر أجويرو إلى اعتزال الساحرة المستديرة بسبب مشكل في القلب، وقد كان يتقاسم نفس الغرفة مع ميسي منذ بداية مسيرتهما مع المنتخب. وقد قرر ليو، في ظل غياب رفيقه، البقاء منفردا. هكذا تظهر سمات القائد، حتى في بعض التفاصيل البسيطة خلال بث مباشر لا تتعدى مدته ساعة واحدة.
الحظ يبتسم للأرجنتين في نصف النهائي في ثلاث مرات سابقة
تلعب الأرجنتين في نصف النهائي للمرة الرابعة في تاريخ كأس العالم، ويذكر أن المشاركات الثلاث الماضية انتهوا بالفوز. دعونا نسترجع ذلك سوياً.
يتجلى دور ميسي القيادي فوق رقعة التباري كذلك. حيث يقدم صاحب القميص رقم ١٠ أفضل مونديال في مسيرته، وتقمص خلاله دور البطل المنقذ عدة مرات وفي أوقات صعبة. وقد أعادت شخصيته وطباعه الثقة لشعبه، وأفلحتا في إنعاشه في وضعيات مأساوية. لذلك صرح خوليان ألفاريز: “نعلم ما يمثله بالنسبة للأرجنتينيين. إنه كابتن فريقنا ولاعب كبير ووجوده داخل الفريق مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لنا”. كان ميسي حاسما في النهائي السابق لأوانه ضد المكسيك، وكان أحد مفاتيح حل أبواب دفاع المنتخب الأسترالي في دور الستة عشر، وكان أيضا متألقا لما انتهت مباراة ربع النهائي ضد هولندا بالتعادل ولم تحسم سوى بالركلات الترجيحية.
تجمعت في ميسي كل خصال مميزات القائد الحقيقي. إذ يعترف بأهمية جميع مكونات الفريق وكل واحد من عناصره، وهو اعتراف واحترام يتجلى في دأبه على عناق رفاقه واحدا واحدا قبل كل مباراة. إنه رمز بالنسبة لبلاده ولكتيبتها أيضا، حيث يتقدمها دائما عند الدخول إلى الملعب للإحماء. كما يتكلف بإبراز أن الجهاز الفني بدوره جزء من النجاحات، فبعد نهاية موقعة هولندا مثلا، وبينما كان بقية اللاعبين في غمرة احتفالاتهم، ذهب ميسي عند أعضاء الجهاز الفني وأخذ يعانقهم واحدا واحدا.
أضف أن ميسي قائد أوركسترا الاحتفالات كذلك، ويقوم أيضا بتوجيهها، مثلما فعل عندما وضع حدا لمحاولات التهكم على البرازيليين بعد إقصائهم. ويحتفل ميسي بعد كل انتصار أمام الأنصار والمشجعين، ولا يتخلى عن شارة الكابتن وهو يصدح بأغنية “موتشاشوس” الشهيرة، حيث ينشدها لنفسه ببراءة من يصعد على ركح مسرح بحثا عن تحقيقه حلمه، حلم ظل يؤمن به إيمانا وثيقا حتى عندما دخل الشك والريبة إلى قلوب الكثيرين بعد الهزيمة ضد المنتخب السعودي.
المصدر: فيفا
بنزيمة يجيب عن أسئلة حول أسباب استبعاده من منتخب فرنسا بمونديال قطر
متابعة – عراق 24 رغم أن المؤتمر الصحفي كان مخصصا لنهائي بطولة كأس السوبر الأوروبي ال…